Accéder au contenu principal

قراءة سوسيولوجية حول التغير الاجتماعي والثقافي



في محاولة منا لتحليل موضوع التغير الاجتماعي و الثقافي والذي يعد موضوعا هاما في علم الاجتماع حيث لا يوجد مجتمع من المجتمعات لا يمسه التغير الاجتماعي و الثقافي  وقد حاولنا الوقوف حول دراسة الأستاذة الدكتورة دلال ملحس قسم الادارة التربوية و الاصول كلية العلوم التربوية –الجامعة الاردنية التي تخص التغير الاجتماعي و الثقافي.
قسمت الدكتورة دلال دراستها الى خمسة أبواب بين التغير الاجتماعي و التغير الثقافي مع باب خاص بأهم الدراسات العربية التي كانت حول الموضوع والتي كانت من بينها دراسة جزائرية حول نشوء الطبقات في الجزائر 1987 ،فهي تتكلم على البنية الاجتماعية و كيفية تحولها تاريخيا من الحكم التركي الى دخول الاستعمار و خروجه ثم الوصول الى اهم القضايا العصرية لتلك السنة والتي كانت من بينها مفهوم الحزب الواحد.
يعتبر الباب الاول  تمهيدا نظريا حول التغير الاجتماعي و الثقافي ، حيث تبرز أهمية التغير الاجتماعي في اعتباره سمة من السمات التي لازمت الإنسانية منذ فجر نشأتها حتى عصرنا الحاضر . لدرجة أصبح التغير لازما لبقاء الجنس البشري،و تفاعل أنماط الحياة على اختلافها ،لتحقق لنا باستمرار أنماطا و قيما اجتماعية جديدة يشعر في ظلها الأفراد بأن حياتهم متحركة و متجددة ، و أنها في حركتها تتطلب منهم الحركة الدائبة و المسايرة الكاملة دون تخلف أو تشبث بالقديم4.
ويرى جنزبرج ان التغير الاجتماعي : هو كل تغير يطرأ على البناء الاجتماعي في الكل و الجزء وفي شكل النظام الاجتماعي،ولهذا فإن الافراد يمارسون ادوارا اجتماعية مختلفة عن تلك التي يمارسونها خلال حقبة من الزمن،اي اننا اذا حاولنا تحليل مجتمع في ضوء بنائه القائم، وجب أن ننظر اليه من خلال لحظة معينة من الزمن، اي ملاحظة اختلاف التفاعل الاجتماعي الذي حدث له.هذا هو التغر الاجتماعي.5 وتتكلم الدكتورة في هذا الفصل حول الآليات التي يقوم عليها التغير كالبيئة الثقافية و الانتشار الثقافي و ايضا حاولت الباحثة من خلال عرضها لهذا الفصل التطرق الى مفاهيم حساسة توضح الترابط بينها و بين التغير الاجنماعي كمفهوم خاص مثل مفهوم التطور الاجتماعي ومفهوم النمو الاجتماعي .
وفيما يخص الباب الثاني فهو يبحث في اشكالية التغير الثقافي من خلال الشقين المادي واللامادي للثقافة، فالتغير الثقافي يتميز "بأنه عملية تحويل شامل قد تتناول طبيعة الثقافة نفسها، فهو تغير نوعي أساسا، وإذا كان النمو الثقافي عملية ادخار مستمر ومحدد، فإن التغير الثقافي ثروة مفاجئة، ثروة تحملها ثروة6. كما نجد من يراها "تنتج بصورة أساسية عن الاختراع أو التجديد سواء أكان اختراعا ماديا ام اجتماعيا كظهور الديانات والفلسفات والقوانين الاجتماعية"7.ومن منطلق الاشكالية الخاصة بالتغيير الثقافي التي صاغتها لنا الباحثة دلال ملحس نجد بأن التغير الاجتماعي هو جزء من التغير الثقافي او جانبا منه كما ان التغير الثقافي اعم واشمل من التغير الاجتماعي.
ويقوم الباب الثالث و الرابع من البحث التطرق لاهم النظريات المعاصرة التي مست الجانبين الاجتماعي و الثقافي خاصة لدول العالم الثالث مع البحث في العوائق الاجتماعية والسياسية و الاقتصادية والثقافية لعملية و صيرورة التغير الاجتماعي و الثقافي ، بالنسبة للنظريات فقد طرحت الباحثة خمس نظريات تفسيرية للتغير كان من بينها الطرحين المتناقضين هما الحتمية  من خلال النظرية الجغرافية و النظرية البيولوجية و هاتين النظريتين دائما ما تربطان عوامل التغير سواء الاجتماعي او الثقافي بعامل واحد اي تبحث في الاصل الكامن وراء حدوث الظواهر وقد أرادت الباحثة توضيح المسار التاريخي للنظرة العلمية وخاصة ان مجمل هاته النظريات انقرض .
اما بالنسبة للطرح الثاني التطوري فقد قسم الى نظريتين هما الخطية والتي تعتمد على تحديد الهدف فهي دائما ترى بأن هناك مسار خطي تصاعدي يمر بمراحل مختلفة للوصول الى الهدف ويرجحون العلماء هذه الفكرة الى الفلاسفة الاغريقيين لتعود و تظهر من جديد في عصر التنوير على يد فيكو الذي حدد مسار المجتمعات في ثلاث مراحل أساسية في ضوء علاقة الانسان بقوى ما فوق الطبيعة8.و النظرية الثانية هي الدائرية والتي ترى بأن التغير يكون صعودا و هبوطا ومثالا عن ذلك ابن خلدون في علم العمران البشري وكيفية تفسيره للمرحلة التاريخية للدولة  والتي يراها تمر بمرحلة دائرية (مرحلة البداوة ،مرحلة الملك، مرحلة الترف وبعدها الزوال والانحطاط).
وفيما يخص النظريات المحدثة نجد انها ميزة بين ثلاث نظريات اساسية هي البنائية الوظيفية والمادية التاريخية والسيكولوجية بفرعيها الاجتماعي والثقافي. وهذا ما ساعد في توضيح الباب الرابع من حيث معيقات التغير الاجتقافي بدءا بالعوائق الاجتماعية كالثقافة التقليدية المحافظة والتي لا تحب التغيير النزاعات وتضارب المصلحة والعوائق الاقتصادية المادية والتي دائما ما تحبط من عزيمة الشعوب في التقدم الا في حالة ظهور افكار وقوى اخرى تساعد في النهوض والانتفاضة، كما نجد ان من بين معيقات التغير متغيرات اخرى كالجانب السياسي الداخلي والخارجي من ناحية الاستقرار او الحروب الاهلية والحروب الخارجية.
ومن ابرز هاته العوائق هي العوائق الثقافية والتي تمس بالفكر الانساني و المعتقدات والقيم و العادات و التقاليد يظهر هذا في المجتمعات الغير صناعية التي تنقص و تقلل من عملية التغير على عكس المجتمعات الصناعية التي قلبت الموازين لصالحها و زاد من وتيرة تطورها ونموها، التعصب الثقافي ففي بعض الدول نجد ان سلوكا ما قد يكون عاديا في المجتمع مقارنة مع نفس السلوك الذي يمكن ان يعتبر منافيا لمجتمع آخر وهذا ما يجعله أيضا عائقا تجاه التغيير.
يقوم الباب الخامس بتوضيح أهمية وربط الجانب التربوي بعميلة التغير الاجتماعي والثقافي كما يساهم في إيضاح أهمية الثقافة في تمكين الفرد من المعرفة وهذا ما يسمى أيضا بالتنشئة التربوية الاجتماعية الثقافية.
وختاما لهذه الدراسة أشارت الباحثة في الباب الأخير لها إلى أهم الدراسات التي كانت قد صاغة نوعا ما بعض الطروحات الفكرية العربية تجاه التغير الاجتماعي والثقافي مع إظهار لأمية النتائج التي جاءت بها كل دراسة

Commentaires